خبراء: البرهان يرسخ “سيناريو تقسيم” السودان ويسعى لتشكيل حكومة انتقالية
يسابق قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان، الخُطى لتعديل الوثيقة الدستورية، لأجل تهيئة الأوضاع لتشكيل حكومة انتقالية تعيد ترتيب المشهد، بهدف إجراء انتخابات عامة تعتمده رئيسا للبلاد، دون أساس قانوني، بحسب خبراء. وأكدت مصادر لـ”إرم نيوز”، أن الوثيقة الدستورية قد جرى تعديلها بالفعل وينتظر أن يتم عرضها وإجازتها من قبل مجلس السيادة الانتقالي الذي يرأسه البرهان، خلال الأيام المقبلة. وأوضحت المصادر أن الوثيقة الدستورية المعدلة تتكون من طرفين هما “الجيش السوداني وبعض أطراف اتفاق جوبا للسلام”، الذي يضم حركات مسلحة من إقليم دارفور، والحركة الشعبية برئاسة مالك عقار، التي تمثل منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان. وأشارت المصادر إلى أن التعديلات الجديدة أسقطت كل ما يتعلق بقوات “الدعم السريع”، باعتبارها شريكة في الحكم، كما في الوثيقة الدستورية السابقة. وكانت الوثيقة الدستورية الحاكمة منذ سقوط نظام الرئيس السابق عمر البشير، تضم أساسا طرفين هما “المكون العسكري الذي يضم الجيش والدعم السريع، إضافة إلى المكون المدني، الذي يضم قوى سياسية، وأطراف اتفاق جوبا للسلام”. وكان البرهان عدل الوثيقة الدستورية للمرة الأولى، عقب الانقلاب الذي نفذه المكون العسكري على المدنيين في 25 أكتوبر 2021، حيث حذف حينها كل ما يشير إلى تحالف قوى الحرية والتغيير باعتباره شريكا في الحكم. واعتبرت المصادر أن ما يقوم به البرهان حاليا من تعديل للوثيقة الدستورية ليس له أساس قانوني، وهو تصرف يشابه ما قام به عقب الانقلاب على رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك. وأوضحت أن البرهان يمضي في الانقلاب حتى على حلفائه المساندين له بالحرب الحالية، ويريد أن يفرض نفسه حاكما دكتاتوريا على السودان، مبينة أنه منذ الانقلاب على حمدوك لا توجد وضعية شرعية تؤسس لدستور جديد أو تعدل ما هو موجود. سيناريوهات التقسيم من جهته، يقول المحلل السياسي، صلاح حسن جمعة، إن سيناريوهات تقسيم السودان بدأت تلوح في الأفق جراء ممارسات الجيش السوداني وحكومته في بورتسودان، مبينا أن إجراء انتخابات في ظل هذه الظروف ستكون مشابهة لامتحانات الشهادة الثانوية التي جرت فقط في مناطق سيطرة الجيش السوداني. وأضاف جمعة في تصريح لـ”إرم نيوز”، أن “كل المؤشرات تشير الى أن البرهان يسعى لتشكيل حكومة انتقالية ترتب له المشهد لإجراء انتخابات”، مشيرا إلى تصريحات حليف البرهان، مالك عقار، الذي أعلن فيها عن توجه لمراجعة قانون الأحزاب والتأسيس لمرحلة جديدة. وتابع “هذه الانتخابات التي يعدون لها ستكون على شاكلة امتحان الشهادة السودانية وتغيير العُملة، ستجري الانتخابات فقط في مناطق سيطرة الجيش، بينما تترك مناطق دارفور وكردفان لقوات الدعم السريع لتقيم فيها حكومتها، بما يمهد الطريق إلى تقسيم البلاد”. وأشار جمعة إلى أن المعارك العسكرية التي تحتدم هذه الأيام في عدة مناطق، قد تكون جزءا من خطة التقسيم، متوقعا سيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر، وربما انسحابها من الخرطوم؛ بما يعجل سيناريو التقسيم وفقا لأجندة دولية، وفق قوله. ونوه جمعة بأن بيان قوات الدعم السريع الذي أمهل فيه الجيش والقوات المتحالفة معه 48 ساعة للاستسلام والخروج من الفاشر، يأتي أيضا ضمن السيناريوهات المحتملة في المشهد السوداني. وكان نائب رئيس مجلس السيادة، مالك عقار، قد أعلن أن الحكومة تعمل على إعادة النظر في قانون الأحزاب استعدادا لبدء مرحلة سياسية جديدة تهدف إلى إجراء انتخابات، مشيرا إلى أن هناك 102حزب سياسي مسجل، و122 حزبا ومنظمة مدنية، وحركات مسلحة، غير مسجلة في السودان. وكان محللون قالوا لـ”إرم نيوز”، إن ما تخطط له حكومة الأمر الواقع في بورتسودان، سيقود إلى تقسيم السودان؛ لأن إجراء الانتخابات في ظل الأوضاع القائمة سيجعل أكثر من نصف مساحة البلاد خارج العملية الانتخابية. ورأى المحلل السياسي، عمار الباقر، أن الإجراءات التي تعتزم حكومة الأمر الواقع في بورتسودان القيام بها تأتي في إطار “هندسة المشهد السياسي” ليكون مساندا للبرهان في حربه، وكل ما يقوم به، وفق قوله. وأشار في تصريح لـ”إرم نيوز”، إلى أن تعديل قانون الأحزاب قد يتزامن مع إجراءات تعديل الوثيقة الدستورية، التي سبق وتحدث عنها البرهان ومساعده ياسر العطا، مبينا أنها كلها إجراءات تأتي لتفصيل ما تطلبه المرحلة من إيجاد شرعية لحكم البرهان. وأضاف الباقر أن “تلك الإجراءات رغم عدم قانونيتها أو صحتها، إلا أنه سيتم فرضها بالقوة على الجميع لتصبح أمرا واقعا؛ لأن البرهان منذ الانقلاب على حمدوك يسعى إلى فرض شرعية لحكمه وتمثيله للسودان”. ورجح أن تعتمد الوثيقة الدستورية التي يجري العمل، حاليا، على تعديلها، تشكيل حكومة انتقالية لمدة عامين، تحت إشراف الجيش، على أن تكون مهامها ترتيب المشهد لإجراء انتخابات في نهاية فترتها، مؤكدا أن تلك الإجراءات ستسفر عن انتخاب البرهان رئيسا للسودان في نهاية المطاف. وذكر الباقر أن “مراجعة قانون الأحزاب ستكون من ضمن إجراءات المرحلة الجديدة والتي قد تضمن حظر جميع القوى السياسية الرافضة للحرب، من ممارسة النشاط السياسي، على أن تتم صناعة أحزاب جديدة تدور في فلك البرهان”. وأوضح أن هذه الترتيبات حال بروزها كواقع لن تزيد الأوضاع في السودان إلا تعقيدا، لجهة أن الانتخابات التي يُجرى التخطيط لها لتنصيب البرهان رئيسا لن تجري في كل السودان، وستنعقد في أقل من نصف مساحة البلاد. ارم نيوز